سعت "بريطانيا" إلى احتلال "فلسطين" والسيطرة عليها، وذلك لما يمثله موقع "فلسطين" من أهمية استرتيجية بالغة، حيث كانت "بريطانيا" محتلة لمصر، واحتلال "فلسطين" يمهد لبريطانيا السيطرة على "خليج السويس" و"خليج العقبة" و"البحر الأحمر".ومن ثَمَّ فقد شجعت "بريطانيا" الهجرات اليهودية إلى "فلسطين" لتحقق من وراء ذلك عدَّة أهداف منها: القضاء على الحركات القومية المتنامية الداعية إلى التحرر، ولتكون "إسرائيل" بمثابة قاعدة استعمارية لإضعاف الأمة العربية واستنزافها، بالإضافة إلى تأمين طرق مواصلاتها بين الشرق والغرب لتحقيق مصالحها الاستعمارية، والأهم من ذلك كُلُّه التخلّص من النفوذ الصهيوني اليهودي الذي أخذ يتغلغل بشكل ملحوظ لا في "بريطانيا" فحسب بل في "أوربا" كلها، ولذلك فقد شجعت تلك الدول على هجرة اليهود إلى "فلسطين" في محاولة لإبعادهم عنها والتخلص من غدرهم ومؤامراتهم، فقد كشفت عن ذلك إحدى الوثائق التي نشرت مؤخرًا، وهي وثيقة عمرها أكثر من مائتي عام ـ ضمن وثائق معهد "فرانكلين".. "فيلادلفيا"ـ الخاصة بالمؤتمر الدستوري لعام [ 1203هـ -
هجرات اليهود الأولى إلى "فلسطين":
ولليهود تطلعات إلى أرض "فلسطين" استنادًا إلى الأكاذيب التي روجت لها آلة الدعاية الصهيونية تحت زعم الحقِّ التاريخي في أرض الأجداد، وعلى هذا الزعم كانوا يتسللون في هجرات غير منتظمة وغير معلنة وعلى مدى زمن طويل، ولكن يمكن رصد الهجرات اليهودية المنظمة إلى أرض "فلسطين" من خلال موجتين من الهجرات:
كانت الموجة الأولى بين عامي [ 1299 هـ -
أما الموجة الثانية فكانت بين عامي [ 1322 هـ -
وبعد اندلاع " الحرب العالمية الأولى" سنة [1332 هـ = 1914 م] بدأ اهتمام "بريطانيا" بفلسطين وبموضوع الاستيطان اليهودي يتزايد، ولذلك فقد طلب "هربرت صمويل"ـ وهو يهودي في الحكومة البريطانية ـ من وزير خارجية "بريطانيا" بحث إقامة دولة يهودية في "فلسطين" بمساعدة "بريطانيا" و"الولايات المتحدة الأمريكية"، فبعث "صمويل" بمذكرة اقترح فيها إقامة محمية بريطانية في "فلسطين" يسمح لليهود بالهجرة إليها على أن يتمتع هؤلاء اليهود بحكم ذاتي في "فلسطين"، ثُمَّ تطور الأمر ـ بعد ذلك ـ لتصبح دولة موالية لبريطانيا، وفي أواخر سنة [ 1334 هـ =
وفي [ 4 من المحرم 1336هـ = 20 من أكتوبر 1917م ] اقتحمت القوات البريطانية "فلسطين" في الوقت الذي أصدر وزير الخارجية البريطاني "آرثر بلفور" وعده الشهير الذي يمنح اليهود بموجبه الحق في إنشاء وطن قومي لهم في "فلسطين"، وكان ذلك أول اعتراف دولي بالصهيونية وبمشاريعها الاستيطانية، ومع ما قدمه هذا الوعد من امتيازات بالغة للصهاينة، فقد تجاهل تمامًا العرب أصحاب تلك الأرض التي منحتها "بريطانيا" لليهود.
وفي ظل الرعاية البريطانية للصهاينة وتأييدها المحموم للاستيطان اليهودي في "فلسطين"، تضاعف عدد المهاجرين من اليهود إلى "فلسطين" بعد هذا الوعد، من ( 55 ) ألفًا بعد "الحرب العالمية الأولى" ليصبح ( 108 ) آلاف في عام [ 1344 هـ =
لم يكن وقوف "بريطانيا" إلى جانب الصهاينة وتشجيعهم على إنشاء دولة لهم في "فلسطين" مجرد تأييد أو حتى انحياز مطلق، وإنما هو جزء من مخطط استعماري ضخم يهدف إلى استمرار احتلال البلاد العربية واستنزاف ثرواتها، وهو ما عبَّر عنه "تشرشل" في مذكراته. حين قال: " إذا أُتِيحَ لنا أن نشهد مولد دولة يهودية لا في فلسطين وحدها بل على ضفتي الأردن معًا تقوم تحت التاج البريطاني؛ فإننا سوف نشهد وقوع حادث يتفق تمام الاتفاق مع أهداف واستمرارية الامبراطورية البريطانية".
ثم جاء قرار تقسيم "فلسطين" الذي أصدرته "الجمعية العامة للأمم المتحدة" سنة [1366هـ =
وقد شجع ذلك المزيد من اليهود على الهجرة إلى "فلسطين"، وتزايدت الهجرات بشكل ملحوظ في أعقاب النكبة العربية سنة [ 1367 هـ =
وطوال تلك السنوات لم يقف أبناء "فلسطين" مكتوفي الأيدي أمام هذا الغزو والاستيطان الصهيوني، فقد تصدّوا لتلك الهجرات، وقاوموها بكل السبل، وبرغم الحصار الصهيوني والبريطاني لأبناء "فلسطين" وسياسات التجويع والبطش والإبعاد، فإن حركة المقاومة لم تتوقف يومًا على أرض "فلسطين" ولم تخبُ نيران الغضب الفلسطيني ساعة، فقد تصدوا لموجات الاستيطان وعمليات التهويد ومحو الهوية لتلك الأرض العربية بكل ما يملكون من قوة وشجاعة وإيمان قوي، وقدموا آلاف الشهداء الذين سطروا بدمائهم ملحمة البطولة والصمود
14:11
3asefa
0 comments:
Post a Comment